الضَوءَ الذي يَأْتي وَسْطَ الْعُتْمَة ....
تشير الساعة إلى العاشرة مساء ، اتجه إلى سريري بعد يومٍ من الكفاح مع تلك الأوراق التي اجتمعت على هيئة كتبٍ .
وضعتُ رأسي على وسادتي ,ولأول مرةٍ منذ فترة يجافيني النوم هكذا بمجرد أني وضعتُ رأسي على وسادتي .
نسماتُ الهواء ، وزقزقة العصافير ونسيج أشعة الشمس الذي يُحاك بهدوء ناعم جعلني أتأكد أنني لم أغلق نافذتي ، استيقظت وأنا أشعر بأنَّ عظمي مهشمٌ كقطع زجاجٍ متناثرة على الأرض .
بدّلتُ ملابسي بسرعة فلم يبقى سوى ساعةٍ على بدء المحاضرة ، ولقد نمتُ بعمق ، خرجتُ من المنزل بعد أن ودعتُ أمي سريعاً .
عندما رأيت الإزدحام قررتُ أن أتمشى قليلاً عليّ أجد في الطريق أي وسيلةً توصلني ، وبالفعل ما إن بدأتُ أتمشى حتى صادفتُ حافلة بها مقعدينِ خاليين فركبتُ فيها ثم نظرتُ إلى ساعتي لأجدها تشير إلى التاسعة و النصف ، دعوت الله أن أصل إلى القاعة في الوقت المناسب .
تقف الحافلةُ في الوقت المناسب أمام بوابة الكلية ، صحيحٌ أنّ هذا هو عامي الأول لكنى شعرت وكأنه أعوام مرت منذ قدومي .
أركض في الممرات لأجد أمامي لوحةً كُتِب عليها المدرج ٢١٦ ، أدخل إلى المدرج و أنا التقط أنفاسي لأجد صديقتي نوران تجلسُ في ثاني مقعد وتحجز لي بجانبها كما اعتادت منذ أن تعارفنا .
لم يكن هناك وقتٌ أن أشكرها على مافعلت ، فبمجرد أن جلستُ إلى جانبها بدأت المحاضرة، زفرتُ بارتياح وحمدتُ الله أني وصلتُ في الوقت المناسب .
المحاضرة كانت في مادة الكيمياء العضويه ، صحيح نسيت أن أخبرك أنّ هذا القسم قسم الكيمياء .
 بعد مرور ساعتين .... ازعاجٌ وضجيج بعد ذلك الهدوء نعم فلقد انتهت المحاضرة ، توجهتُ بالشكر  لصديقتي نوران .
على الرغم من أن هذا العام هو العام الأول لي معها لكنّي شعرت بأني أعرفها منذ زمنٍ بعيد ، خرجنا من القاعة و توجهنا إلى الخارج حيث الحرارة العالية وسطوع الشمس الشديد وأصوات السيارات وضجيجها الذي لن يبخل عليك بنصيبك من الصداع .
وصلنا إلى البوابة ولم ننتظر المواصلات فلقد تعلمنّا الدرس ، وبدأنا نتمشى آملين أن نجد أي حافلةٍ حتى لو وقفنا بها ولم نجلس .
بعد دقائق من عبورنا للطريق وجدنا حافلةً أوصلتنا ، دخلتُ المنزلٙ ووجدتُه هادئاً على غير العادةِ يبدو أنّ أمي ذهبتْ إلى خالتي برفقة أخي كما كانت تقول لأبي مساءً .
على أقرب مقعدٍ وجدته ألقيتُ حقيبتي وارتميتُ بجسدي عليه ، فلقد كان يوما مجهدا بمحاضراته وزحامه الحمد لله على صديقتي نوران فهي نعمة من الله أنني عرفتها , ارتحت قليلا ثم اتجهتُ إلى مكتبي للمذاكرة فاختبارات منتصف الفصل ستبدأ الاسبوع القادم .
أيامٌ وراء أيامٍ تدفع بعضها بعضاً , وتبدأ معها اختبارات منتصف العام أيامٌ لا تخلو من مساعدة نوران لي ولم تنتظر أن أطلب منها المساعدة بل كانت تبادرُ بمساعدتي دون أن أطلب منها .
الحمد لله أنهينا عامنا سوياً وهاهو اليوم الأخير من الإختبارات نحتفل بصداقتنا سوياً .
يمر عامٌ وراء عام ,و صداقتنا تزداد مع مرور الوقت تلك هي الصداقة الحقيقية الخالصة لله ليست تلك الصداقات التي ينبغي من ورائها مصلحةً أو شيء .

إنه معنى الصداقة الذي أصبح نادر الوجود , فإن كنت تعرفُ مثل تلك الصداقات تشبت فيها بيديك وأسنانك فهولاء أناسٌ كألماسٍ في عالمنا .
شارك:

Sara

خصصنا وقــتــنـا وجــهـودنـا مـن أجــل خـدمــتــكـم وتـعـزيــز روح الـتـعـاون فـيــمـا بـيـنـكـم ؛وبــكـم ســنـكـون فــي الــمــقــدمــة بــإذن الله

0 تعليق على موضوع " الضوء الذي يأتي وسط العتمة "

شروط التعليق :
■ يجب على التعليق أن يكون بلا روابط إشهارية
■ لاستعمال خط عريض ضع الكود : النص هنا...
■ لاستعمال خط مائل ضع الكود : النص هنا...
■ لإضافة صورة ضعها بهذا الكود : ... رابط الصورة هنا ...

الإبتسامات إخفاء