حنين كلما دق المطر الأبواب
ينزل
المطر ليشعل في أنفسنا نبع الاشتياق ويحمل في طياته صور تركها الزمن محفوظة في
العقل مرسومة في القلب ذكريات
قضيناها مع أعز الأشخاص مكانة في قلوبنا هاهو المطر يأتي ليذكرنا بأعز الأيام . أسرة أمجد تلك الأسرة التي
ذهبت للتسوق في يوم صافي ليتقلب الجو وينزل المطر وما هي إلا دقائق إلا و
.............. تابع من فضلك
في أحد أيام الشتاء الباردة بصباح معتدل يبدأ
اليوم الذي تميزه أشعة الشمس المشرقة مع بعض نسمات
الهواء التي تنعش الصدر و تزيل الهم تداعب أغصان الشجر الذي كان قريبا
من نافذة أمجد فتباعدت أغصان الشجر الذي كانت قريبة من النافذة لتتخلل من بينها
أشعة الشمس التي تسلطت على وجه أمجد و زوجته نور توقظهما معلنة عن بدء يوم من
العمل و النشاط . استيقظت نور و
اتجهت إلى المطبخ تعد الإفطار حتى يستيقظ أمجد و يوقظ صغيرتيه ريم و ريما بعدها
اتجهت الأسرة للإفطار و ما إن انتهت حتى توجهت ريم بنت العشرة أعوام تجهز حقيبتها
لتذهب إلى المدرسة القريبة من المنزل
. في فناء المدرسة ذلك الفناء المكسو بالعشب الأخضر و أصوات الضحكات و الركض و
الألعاب التي كانت من بينهن ريم تركض مع صديقاتها حتى قطع الجميع صوت الجرس الذي
ينبأ بابتداء وقت الطابور
. اتجه الجميع للفصول فكانت ريم تدرس المواد اللمختلفة حتى بدأ وقت
الراحة فتستأنف الدراسة بعده , في نهاية اليوم عاد الجميع إلى منازلهم وهاهي
الأسرة تجتمع مجددا وقت الغداء
. قبيل الزوال – وقت غروب الشمس – قررت الأسرة الذهاب للتسوق لقضاء
احتياجاتهم و بالفعل بدأ التجهيز و بعد دقائق كان الجميع على أتم استعداد و انطلقت
السيارة في طريقها إلى أحد مراكز التسوق المشهورة في المدينة
. بدأ التسوق فذهب أمجد لقسم الرجال أما نور فاصطحبت ابنتيها لقسم
الأطفال تنقلات بالنظر على الملابس الجديدة و الأشياء المعروضة ثم أمسكت نور فستان
ورديا فاتح مع رسوم ذات لون أخضر فاتح مناسب لريم ذات البشرة البيضاء و الشعر
الأسود وبينما كانت نور مشتغلة مع ريم بقياس الفستان أمطرت في الخارج الصوت الذي
تحبه ريما فشدها ذهبت إلى مصدر الصوت نحو الزجاج المطل على الخارج . بدأت تندمج مع
المطر فمن دون
أدنى شعور خرجت من المركز وبدأت باللعب تحته و نسيت أنها خرجت من
المركز و ابتعدت عنه ولم أحد يشعر بخروجها
. بعد دقائق مرت وعندما قررت الأسرة العودة إلى المنزل لاحظ الجميع
اختفاء ريما الأمر الذي أثر القلق وبدأ البحث عنها في جميع أقسام المركز و ادواره . انتهى البحث لكن
دون جدوى لم يخرجوا من البحث إلا بنتيجة اختفاء ريما هموا بالخروج ولكن لاحظت ريم
قبعة ريما موجودة على الأرض بجانب البوابة الخارجية ,فقرروا البحث في
الشوارع المحيطة بالمركز فبدأ البحث واستمر لوقت طويل حتى توقف المطر وأغلق المركز
و دق منتصف الليل وحالت ظلمته
. فعادت الأسرة منكسرة متعبة حزينة على ريما المفقودة فلا عين في ذاك
المنزل تنام ولا عقل يتوقف عن التفكير في إجابة مناسبة للسؤال الذي يشغل عقولهم
أين ذهبت ريما ؟ بعد توقف المطر و عودة ريما إلى واقعها وجدت نفسها وحيدة في شارع
لا تعرفه تصرخ فلا أحد يجيب , تنادي فما من مار يجيبها تبكي بصمت في ظلمة الليل لا
شيء سوى خائفة , تائهة , تريد مكانا يؤويها من برد المطر بعد أن ابتلت ملابسها
غلبها التعب فنامت على أحد الأرصفة
. لم تدري أنها ابتعدت كثيرا عن المركز , لو تدري عن ذلك الجرح الذي
سببته لأسرتها , لو تدري عن حالتهم بعد غيابها . حالة خيمت على
منزل أسرة أمجد لم يستطيعوا النوم فالكوابيس تلاحقهم و دموعهم مستمرة لا تتوقف . وائل و منال
يعودان من حفل الزفاف ليجدا ريما نائمة على أحد الأرصفة في هذا البرد مما أكدا
لهما أن هذه الطفلة تائهة اقترب منها و لمستها منال فوجدت حرارتها مرتفعة و
ملابسها مبللة فحملتها إلى الداخل
. أدخلتها إلى غرفة دافئة عن باقي الغرف وبدأت بالعمل على خفض حرارتها
قدر المستطاع وبعد أن تأكدت أن حرارتها بدأت في النزول تدريجيا غطتها ودفأتها
وأطفأت النور و خرجت إلى غرفتها لتنتظر الصباح فتعرف قصة تلك الفتاة . انتهى المساء و
عاد الصباح بإشراقة تختلف تعب وحزن لكنه مميز فبدأ عبق الأزهار ينتشر في الأرجاء
بعدما ارتوت بماء المطر المتساقط و تكونت على أوراقها قطرات الندى . الجميع في
الخارج للمنتزهات لقضاء اليوم في الخارج ما عاد أسرة حزينة منهارة لا نوم لا شيء
سوى التعب أم باكية و أب منهار و طفلة اعتكفت على البكاء
. لا استمتاع و لا راحة الكل يفكر في مصير ابنتهم
. تمر الأيام كما اعتدنا ويبدأ الفصل الدراسي الثاني و تبدأ ريم في
العودة لمدرستها لكن افتقدت وجود أختها في حياتها كل يوم يزيد نبع الاشتياق لها . صحيح أنها أتمت
الرابعة من عمرها لكن كان لها جوها الخاص في المنزل بمرحها الذي تصنعه و ضحكاتها
التي كانت تملأ أرجاء المنزل وعلى الجانب الأخر من المدينة أعني بالطبع منزل وائل
الذي بدأت فيه ريما بالاستيقاظ حتى تجلس على السرير و تبدأ تتملأ فيما حولها
وكأنها
فقدت الذاكرة لتعود لها ذكرياتها شيئا فشيئ حتى تتأكد من أنها تائهة
و هي في أحد منزل الأسر التي وجدتها بالأمس
. تعود لترمي برأسها على وسادتها و كأنها تحول استيعاب ما يحدث حولها
في هذه الأثناء تدخل منال زوجة وائل لتجد ريما على حالها لكن مستيقظة هذه المرة
حاولت إطعامها وبعد محاولات تناولت شيئا قليلا لتسد به جوعها
. بدأت ريما في البكاء لكن منال بأسلوبها الحاني استطاعت تهدئة ريما
بعد أن عرفت اسمها من العقد الذي يحمل اسمها
. صدمة أصابت تلك الصغيرة بعد أن تاهت بعيدا وهي وحيدة . تمر أيام و ريما
تحبس نفسها في غرفته بعدها قررت الخروج من غرفتها لكنها مازالت مفتقدة حنان الأب
ودفء الأم وابتسامة ريم التي اعتدت أن تراها على وجه ريم
. اعتادت شيئا فشيء على الوضع الجديد بدأ الجميع بمارسة حياتهم التي
كان ينقص كل واحد منهم شيئا اعتاد عليه لكنهم أيقنوا أنه قدر الله لكن لم تنسى
ريما أسرتها لتعلقها بهم ولم تنساها الأسرة فهي كانت المحبوبة لهم جميعا . زرع الله محبة
تلك الطفلة في قلب وائل و زوجته منال فهي تذكرهم بابنتهم المتوفاة تسنيم في أشهرها
الأولى حيث كانت تشبهها كثيرا في كل شيء
. بدأ يعاملانها على أنها ابنتهم تعلقت ريما بهم كثيرا و أحبتهم و
ارتاحت معهم لكن هذا لم يطفأ نار الاشتياق المشتعلة في قلبها
. تأخذ الأيام دورتها المعتادة و تقترب معها نهاية العام فقررت أسرة
أمجد لتذهب إلى أحد مراكز التسوق لقضاء بعض الحاجات الضرورية الخاصة بالمنزل و
بالفعل و مع حلول المساء كانت الأسرة قد وصلت إليه
. نسمات الهواء في الخارج السماء غائمة جزيئيا تمطر بخفة لتغزر في وقت
لاحق يتساقط المطر ليشعل معها نبع الحنين في قلوب الجميع , تلفت نور لمصدر الصوت
بعد أن كانت هي أقربهم للزجاج نور الذي قالت دون أدنى شعور المطر ......... ريما
........ فبدأت تنظر من الزجاج بعد أن تكاثف عليه البخار علها تجد صغيرتها عائدة
إليها أو تلعب تحت المطر كما اختفت بنفس الطريقة
. صور تتقلب في الأفئدة وكأنما أشرطة فتحت ليروها جميعا الدموع تتسابق
لعيون نور و ابنتها ريم
. ريما من على الجانب الأخر انتبهت لصوت المطر فبعدت أن قررت الخروج
هاهي تركض لتصل إلى النافذة دموع تملأ مقلتيها أحست بالذنب لأنها ابتعدت عن نور
عند النافذة تبدأ صور ذكرياتها تتقلب أمام عينيها
. صور تقلبت في مخيلتي ريم و كأنها أودت التواصل مع أختها ريما على
الجانب الآخر التي ما إن سمعت صوت المطر حتى اقتربت من النافذة بعد أن صعدت على
كرسي قريب وهي تمسك عقدها الموجود حول عنقها
.
بدأت الدموع تنزل و كأنها فكت قيودها تذكرت
ذلك اليوم الذي سمعت فيه صوت المطر عندما كانت مع أسرتها في المركز للتسوق عندما
خرجت تحت المطر لتلعب تحت المطر فلم تسطع العودة بعد انقطاعه من حيث أتت . قلقت عليها منال
فراحت لتتفقدها بعدما انقطع صوت لعبها ففتحت الباب ببطء لتجد ريما قد أدارت الكرسي
نحو النافذة لتجد ريما تمسك بيدها اسمها الذي نقش على عقدها وهي نائمة تماما . أعاد لها صوت
المطر صورة ريما في ذلك اليوم عندما كانت نائمة على أحد الأرصفة في ذلك اليوم الممطر عندما وجدتها و هي
عائدة برفقة زوجها من حفل زفاف أختها
. سرحت إلى ذلك
اليوم و قصة ريما ولم تنتبه أن ريما استيقظت إلا بعد أن أغلقت النافذة عندما شعرت
بالبرد . حملتها منال إلى
سريرها و طلبت منها
أن تحدثها عن أسرتها لكنها رفضت في البداية لكن منال طمأنتها إن عرفت بقصتها فقد تستطيع
مساعدتها فبدأت ريما تتحدث عنهم واحدا واحد و عن أيامها التي كانت تقضيها معهم حتى
بدأت عيونها تدمع مما أضاف لها براءة إلى براءة وجهها
. أوقفتها منال عندما رأت الدموع بدأت بالنزول فعرفت أنها قد وصلت إلى
جزء مؤلم من ذكرياتها فأحست بقدر الاشتياق الذي تشعر به تلك الصغيرة هدأتها حتى
نامت فأطفأت النور و غادرت بهدوء خيشة أن تستيقظ مرة أخرى
. في تلك الليلة لم يحظى منهم بنوم هادئ فان تحدثت عن ريم كانت
تستيقظ على صور ريما أمامها توقظها مفزوعة من نومها تسمع صوت ريما يملأ الغرفة وإن
تحدثت عن ريما فهي الأخرى تستيقظ من كوابيس مفزوعة من نومها
. قبيل الفجر نام الجميع بعد أن غلبهم التعب فناموا بعمق ولم يستيقظوا
إلا في وقت متأخر الساعة الحادية عشر عدا ريم التي استيقظت في الواحدة بعد الظهر
ظلت ريم تبحث عن والديها في المنزل وجدتهم أخيرا يجبسون في الحديقة يتأملون صور
ريم وريما و ملامح الاشتياق سطرت على وجوههم
. جلست ريم تتأملها معهم بصمت يعبر عن حزنها و الفراغ الذي أحتل حياتها
بعد رحيل أختها . أما ريما فقد
استيقظت بعد الظهر حسبت نفسها في بيتها لكن سرعان ما أدركت
أنها في منزل وائل و منال ما إن بحثت عن منال و وجدتها فأخبرتها منال أنها ستبدأ
البحث عن أسرتها . فرحت ريما كثيرا
و تضاعفت فرحتها عندما أخبرتها أنهم سيذهبون في الغد لتقديم طلب التحاق ريما
بالمدرسة فرحة لن تكتمل لإنها تمنت أن تسمع ذلك الخبر من والدتها و تذهب مع أختها
لكن هذا هو القدر . حزن خيم على بيت
أمجد في المساء
عندما أخبرهم بأنه علم أن موعد تقديم طلبات الالتحاق قد بدأ , ما ألم
ذلك الخبر على مسامع نور إنه اليوم الذي أعدت له كثيرا كي تذهب مع ابنتها ريما و تقدم لها كما فعلت
مع ريم . تذكرت ريما
أسرتها و ما حدث لها في تلك السنتين و هي بعيدة عن أسرتها تذكرت أختها ريم التي
تمنت أن تذهب برفقتها إلى المدرسة
. ريم تلك الفتاة التي أصبحت في المرحلة المتوسطة
.
هاهي الشمس تحاول أن تتسلل أشعتها من بين
الغيوم حتى تعلن عن بدء يوم جديد فبدأ بمشاعر مختلطة بين فرح و حزن خصوصا ريما التي
لا تدري كيف يكون من المفترض شعورها ؟ فرح لأنها وجدت ما يملأ وقت فراغها , أم حزن
لأنها تمنت أن يكون هذا اليوم تقضيه مع أسرتها
. لا تدري لكن ذهبت برفقة منال وسجلت لها في المدرسة التي في الجوار
لكن ريما تمنت أن تكون في مدرسة أختها ريم التي طالما حدثتها عنها . اسبوع متبقي على
افتتاح المدارس و وائل و منال يشتريان كل ما يلزم ريما وكأنها ابنتهم أيام تمر
وذكريات ريما لا تزال محفورة في منزل أمجد حفرت مكانتها فبالطبع إنها تلك الصغيرة
المدللة . تدور الأيام كما
اعتادت و الطلاب و الطالبات يستعدون ليعودوا إلى مدارسهم إلى منبر العلم و المعرفة
إلى تلك الفصول التي جمعتهم صدفة و هيأت الجو لتقوم صداقات بينهم نعود إلى منزل
أمجد على الرغم من حزنهم إلا أنهم لم ينسوا متطلبات ريم المدرسية للمرحلة المتوسطة
أما وائل و منال فجهزوا جميع ما تحتاجه ريما التي تمنت أن تكون معهم . صباح يوم جديد و
مختلف عن سابقه و بعد تلك السنوات تحقق ريما حلمه وهاهي تستعد لتذهب إلى مدرستها
بعد أن جهزت حقيبتها لكن بحزن متبادل عن بعد مع ريم تلك الفتاتان اللتان تمنيتا أن
تذهبا في هذا اليوم معا
. ذهبت كل واحدة منهن إلى مدرستها فقضيته في النعرف على صديقات جدد ومعلماتهن . أيام تمر بعد أن
اعتادت كل واحدة منهن على نظامها الجديد فالذكرى لن تزول بل كل فترة يمسح من عليها
غبار الزمن فالذكرى لن تزول من العقول مهما كان فعلى الرغم من مرور السنين عليها
فما زال الجميع يفكر في مصير ريما وكيف تعيش ؟ في المساء حبات المطر تنهمر بغزارة
لتشعل في قلوب الجميع وخصوصا تلك الأسرتين صور ذلك اليوم بتسلسلها ابتعاد ريما , و
خروجها من المركز , و اللعب تحت المطر حتى إذ انقطع تجد نفسها وحيدة في ظلمة الليل . ثم يعود وائل
برفقة منال ليجدوا ريما نائمة على الأرصفة بملابس مبتلة و درجة حرارتها مرتفعة . فصوت المطر يعلو
تسرع ريما نحو النافذة بعدما أوشكت على النوم فترجع الصور إلى مخيلتها للتخيل
وكأنها ترى أسرتها أمامها فتنادي عليهم لكن سرعان ما
تتلاشى الصورة من أمامه لـتتأكد أنه تتوهم فتذهب الصورة مع الرياح .
تقوم نور مفزوعة و كأنها سمعت صوت ريما تناديها
تركض نحو الأسفل علها تراها عائدة تبحث في كل شبر من
المنزل بل لم تكتفي فبحثت خارجه للتأكد أنها تحلم .
عادت إلى سريرها و الدموع تلاحقها و صور
ابنتها ريما تتسابق إلى مخيلتها سنوات مرت على فقدان أثرها لكنها ما زالت موقنة
أنها ستجدها يوما تلك السنوات التي حفرت في قلب نور جرحا صعب مداواته في الوقت
الحالي بسبب عمقه .
صباح لم يختلف كثيرا عن الذي سبقه من الأيام
يمر كما اعتاد الجميع على نسمات هدوءه ممزوجة بأنين الاشتياق .
هاهي الأيام تمر لتقترب معها أيام الإختبارات
النهائية ( اختبارات نهاية العام ) التي أصبحت أول اختبارات لريم في المرحلة
المتوسطة .
حال لا يختلف كثيرا يمر على ريما لا يختلف عن
الذي اعتادت عليه غير أنها أنهت عامها الدراسي بتفوق فأعد لها وائل و منال حفلة
صغيرة بمناسبة تفوقها لكنها أودت أن تكون في منزل أبيها تحتفل مع والديها و أختها
.
تبدأ إجازة نهاية العام لتذكر بالصيف , و
الاستمتاع لتذكر بالمصيف فهي الراحة من العمل و من الدراسة بل هي
مكافأة كل نجاح .
قررت أسرة أمجد أن تذهب لأحد القرى السياحية
لتبتعد قليلا عن جو الحزن و لتكافئ ريم على تفوقها كذلك
لم يختلف الحال في منزل وائل الذي قرر أن يصطحب ريما و منال لأي مكان خارج
المدينة .
بدأ التجهيز في المنزلين لكن دون أي شعور
بفرح أو حماس جهزت الحقائب و وضعت في السيارتين و ركب الجميع بعد أن تم حجز
التذاكر مسبقا .
بدأت السيارة في شق طريقها نحو القرية التي
كانت تفصلها عن المدينة بعض الكيلو مترات فقط , طريق هادئ و
سماء صافية وجو جميل ممزوج بنسمات الهواء .
هاهي ريما تجلس في الخلف لتستعيد ذكريات آخر
رحلة كانت فيها برفقة أسرتها حيث كانوا على الشاطئ فكانت تعلب هي و ريم بالرمال و
المياه عندما وصلت
ذكرياتها نحو أختها تساقطت دموعها بهدوء كهدوئها .
بعد سويعات قليلة من المسير تتوقف السيارة
أمام البوابة وسط الزحام الشديد فهي القرية المشهورة بالسياحة و الازدحام في الصيف .
تتوقف
سيارة وائل و تنزل منها ريما برفقة منال و وائل بعد أن مسحت دموعها حتى تلفت لتجد
سيارة ذات علامات مميزة تكاد تجزم ريما بأنها قد رأتها من قبل .
يدخل
الجميع من البوابة و يضعون أغراضهم في الفندق لتذهب أسرة وائل إلى البحر بناء على
طلب ريما لتشاهد غروب الشمس .
من
بعيد كانت تجلس أسرة أمجد فلفت انتباه نور
عندما كانت تتأمل البحر منظر تلك
الطفلة التي تعلب في الرمال بحزن فحاولت أن تقترب منها لتفاجأ بالشبه الكبير بينها
و بين ابنتها ريما لكن الذي شدد انتباهها تلك القلادة التي تلبسها المنقوش عليها
اسم ريما .
هل
يعقل أنها ابنتها ؟ هل تكون هي ريما و تعود بعد تلك السنوات لتداوي جرح نور ؟ لكن
سرعان ما نفضت نور عن ذاكرتها تلك الأسئلة و أقنعت نفسها أنها تتخيل ذلك بسبب
اشتياقها إلى ريما .
بعد
قضاء إجازة شبه سعيدة على البعض يعود الجميع إلى منازلهم بعد انتهاء إجازة الصيف و
قرب المدارس لكن نور لم تنسى ملامح تلك الطفلة كما أن ريما لم تنسى شكل تلك
السيارة التي رأتها .
ذكريات
لابد لها من مكان تخزن فيها في العقل فبعد
مرور قرابة أربع سنوات لا تزال ذكرى ذلك اليوم نع أعني اليوم الذي كانت تتسوق فيه
نور برفقة ابنتيها لتمطر و تخرج ريما من المتجر لتختفي .
فاليوم
هو اليوم الذي ولدت فيه ريما منذ ثمان سنوات و هو نفس اليوم الذي فقدت فيه من أربع
سنوات .
طوال
الليل تتقلب نور في سريرها و كأنها فتحت فيلما في مخيلتها لتراه ذات أصوات عالية
مشبع بصوت ريما .
صباح
جديد و أشعة شمس تحاول أن تسلل أشعتها من بين أوراق الشجر لتنبه الناس أن وقت
العمل حان و وقت النشاط بدأ نعم إنه أول يوم للمدارس من جديد أصبحت فيه ريم في
الصف الثالث المتوسط و ريما في الصف الرابع الإبتدائي أعوام تمر و أيام تتسابق
لينتهي عام و يبدأ عام كما اعتاد الجميع على نظامه سواء كان ذللك في منزل أمجد أم
وائل .
حيث
نبع الاشتياق لتلك الطفلة التي فقدت حتى ريما لم تنسى أسرتها طيلة تلك السنوات .
تحاول
البحث عن أسرتها دائما خصوصا بعد إخبار المعلمات لها أنها تشبه فتاة كانت تدرس في
هذه المدرسة اسمها ريم التي انتقلت للدراسة في المرحلة المتوسطة حاولت جمع إجابة
لسؤالها إلى أي متوسطة نقلت ريم ؟ لكن و للأسف تأتي الرياح كما لا تشتهي السفن فلا
تجد إجابة .
لكنها
لم تيأس و تابعت بحثها حتى بدأ حماسها يقل شيئا فشيء .
أنهت
مرحلتها الإبتدائية و انتقلت للدراسة في المرحلة المتوسطة وفي المقابل تنقل ريم
للدراسة في المرحلة الثانوية .
وفي
يوم من الأيام ..............
وكما
اعتدنا كل صباح أن يذهب الطلاب و الطالبات لمدارسهم استعدت ريما للذهاب إلى
مدرستها بعد أن ودعت منال و وائل حتى بدأت السير نحو مدرستها التي لا تبعد سوى
خطوات قليلة عن منزل وائل .
تتوقف
فجأة لترى مبنى تلك الثانوية الذي شدها و لكن الذي استوقفها ليس ذلك المبنى بل
الفتاة التي أتت من بعيد و تمسك في يدها كتابا تذاكر فيه و تقترب من المبنى .
في
هذه الأثناء تذكرت ريم فهي تشبهها كثيرا لكن لها ملامح مختلفة قليلا عن ريم و
خصوصا بالحجاب الذي ترتديه أكملت ريما طريقها إلى مدرستها و هي تفكرفي تلك الفتاة
وقد أجزمت أنها نفس الفتاة التي رأتها في تلك القرية .
جعلتها
تلك الفتاة تسترجع أيضا تلك السيارة التي رأتها فهي تشبه سيارة والدها كثيرا إن لم
يكن غيرها خلال السنوات الماضية .
دخلت
ريما إلى مدرستها و انشغلت بالدراسة مع صديقاتها لكنها لم تنسى تلك الفتاة التي
رأتها .
وفي
نفس اليوم قررت مدرسة الثانوية أن تجعل طالباته يذهبن في زيارة إلى المدرسة
المتوسطة فذهبن إليها جميعا في وقت الفسحة .
تحمست
ريما كثيرا عندما قرأت الإعلان المعلق الذي ينبه المدرسة الثانوية التي تقع في نفس
المنطقة ستزور المدرسة .
فرحت
كثيرا بعدما توجهت إلى باب المدرسة فوجدت طالبات الثانوية يدلفن إلى الداخل و من ضمنهم تلك الفتاة التي رأتها صباح هذا اليوم
.
دقيقة
مرت و هي تنظر إلى تلك الفتاة فعادت إلى ذكرياتها و كيف أن تلك الفتاة تشبهها
كثيرا .
نفس
الإحساس أحسته ريم اتجه ريما لكن بعد تغير ملامح الطفلة إلى فتاة يافعة أحست بتغير
في الملامح جعلها تعتقد أنها تشبه ريما .
من
على بعد ليس بالبعيد أخذت تراقب كل فتاة الأخرى إلى نهاية اليوم حتى انصرف الجميع
بعد إعلان موعد الخروج .
خرج
الجميع و عادت ريم و هي تفكر في تلك الفتاة التي تشبه ريما مما جعلها لا تشعر أنها
تمشي ورائها التي تابعتها حتى أنهت الطريق مما جعلها تتفاجأ بعد أن سرحت في أجمل
ذكرياتها .
تتسارع
نبضات قلبها و تذكرت أنها تأخرت على منزل وائل فتسرع ركضا إلى هناك مما جعل منال
تتفاجأ لرؤيتها بذلك الشكل بعد أن وصلت هوت إلى أقرب مقعد لترتاح عليه و تلتقط
أنفاسها و تبدأ بحديث مع نفسها هل يعقل أن أسرتها مازالت تسكن هناك ؟ هل تلك
الفتاة هي ريم ؟ هل مازال والديها على قيد الحياة ؟ أسئلة تمنت لو أنها تملك
إجابات لها .
هدأتها
منال بعد دقائق عادت أنفاسها تنظم فأخبرت منال بكل ما رأت وعن الفتاة و المنزل
الذي رأته و ما رأته عندما كانوا في القرية .
أجابتها
بأنها ستخبر وائل و تجعله يسأل عن سكان ذلك المنزل .
ارتاحت
ريما و ذهبت إلى غرفتها و ذكريات أول يوم لها في ذلك المنزل بدأت تتسابق إليها .
عاد
وائل إلى المنزل و بعد الغداء قصت عليه ما أخبرتها به ريما ثم صوت الصمت يسود
المنزل و ملامح الحزن على وجهيهما فهم كانوا يعاملونها على أنها ابنتهم لكنهم كانوا
يعرفون من أول يوم أنها ستعود إلى أسرتها عاجلا أم آجلا .
تعود
السنوات إلى الخلف قليلا لتتوقف عند تلك اللحظة التي رأوا فيها ريما تلك الطفلة
نائمة على أحد الأرصفة بملابس مبتلة بسبب المطر عندها تذكروا ابنتهم المتوفاة
تسنيم وحملوها إلى الداخل .
بعد
صلاة العصر يخرج وائل من المسجد ليسأل المصلين عن سكان ذلك المنزل و يتحجج بأنه
أمر خاص و مهم بعد أن تأكد من معلوماته عرف وائل أن صاحب ذلك المنزل اسمه أمجد
رأفت .
صدمة
أصابته الشيء الذي كان يتمنى أن يطول أجله لكنه فرح لإن تلك الصغيرة ستعود إلى
منزلها و تحقق أمنيتها , عاد إلى منزله ليجد منال و ريما منتظرين قدومه ليخبرهم
بآخر ما وصل إليه .
قص
عليهم ما تأكد منه صرخت ريما من كثر الفرحة ففرحت لها منال و وائل .
بعد
لحظات صمت تكلمت ريما قائلة أنها كانت تراقب ريم فهي تعود من أحد الدروس الساعة
السابعة مساءا .
فرحة
لا تستطيع ريما عمل شيء منها فجلست مع وائل و منال بعد أن تعودت على العيش معهم
فهاهو الوقت حان ليأتي الفراق و تعود ريما إلى منزلها .
تحدثت
ريما مع منال و وائل تتحدث عن تلك الأيام التي عاشتها معهم منذ لحظة ضياعها حتى
هذه اللحظات .
صمت
ممزوج بدموع الفراق التي هطلت كالمطر دون سابق إنذار من عيون ريما و منال و ملامح
حزن سطرت على وجه وائل فعلى الرغم من أن ريما ليس ابنتهم إلا أنها عاشت معهم سنوات
.
تدق
الساعة السادسة ......
بعد
تلك الدموع التي عبرت عن عمق المحبة بينهم تتحدث ريما لتطلب منهم أن تلحق بريم بعد
درسها فوافقا دون أدنى تردد .
منال
و وائل أمام التلفاز و ريما تجهزت و بعد أن أصبحت السادسة و الخمسين دقيقة تغادر
ريما المنزل مودعة منال و وائل بدموعها و وعدتهم بالزيارة في الأيام اللاحقة و
أخبرتهم أنها ستأتي في الغد لتأخذ أغراضها .
هاهي
تودع ذلك المنزل الذي عاشت فيه سنوات أكسبتها قوة و خبرة .
يقترب
موعد اللقاء
موعد
ارتواء الفوائد
يوم
العودة للذكريات
يوم
رسم البسمة على الوجوه
وابتداء
فرحة بلا انتهاء
الساعة
تشير للسابعة حبات المطر تهطل بغزارة و ريما تقف عند البوابة منتظرة ريم فهذا هو
الوقت الذي تعود فيه غالبا هاهي ريم تظهر من على بداية الطريق .
تركض
بعد المطر بعد أن ابتلت ملابسها تعبر من أمام ريما فلحقت بها ريما من الخلف تنادي
باسمها فتتوقف ريم لتلتف إلى مصدر الصوت لتجدها تلك الفتاة – شبيهة ريما – تناديها
لتخبرها بأنها ريما شقيقتها فتركض الفتاتان نحو بعضهما .فبعد فراق تحت المطر هاهما
يتقابلان مرة أخرى تحت المطر بدموع الفرح بدلا من دموع الحزن .صدمة فرح نزلت
عليهما تحت المطر فسارا بسرعة ليعودا إلى المنزل الأمر الذي تمنياه أن يحدث منذ
أعوام .تعود ريم و تطرق باب المنزل لتفتح لها كما اعتادت نور لكن مفاجأة نور جعلت
الدموع تتسابق إلى عينيها ليخرج أمجد و يجد نور على هيئتها فيتفاجأ هو الأخر
بابنتيه فيفرك عينيه ليتأكد من عودة ريما ابنته .ما أجمل تلك اللحظات و خصوصا تلك
التي تكون بعد فراق لسنوات هاهي الأسرة تجتمع مجددا و كما تفرقوا تحت المطر هاهم
يجتمعون مجددا تحت المطر يدخل الجميع إلى المنزل و هاهي الفرحة تعود لتسكن ذلك
المنزل بعد أن اختفت منه منذ سنوات .
وفي
صباح جديد يختلف عن سابقه تذهب أسرة أمجد لبيت وائل لتجمع ريما ما تبقى لها في
منزل وائل و يشكروهم على ما فعلوا لريما طيلة تلك السنوات وفي نهاية الزيارة
تواعدت الاسر على اللقاء مرة أخرى .
·
النـــهــــــــــايـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
*
0 تعليق على موضوع " حنين كلما دق المطر الأبواب "
شروط التعليق :
■ يجب على التعليق أن يكون بلا روابط إشهارية
■ لاستعمال خط عريض ضع الكود : النص هنا...
■ لاستعمال خط مائل ضع الكود : النص هنا...
■ لإضافة صورة ضعها بهذا الكود : ... رابط الصورة هنا ...
الإبتسامات إخفاء