نسمات الصباح من أمام النيل تحمل أنغام الطيور و
العصافير و شدوها الجميل ......
ومن هناك حيث تلك الجلسات أمام النيل التي تجمع
الأهل و الأصحاب يدردشون في أمور مختلفة شاملة لحياتهم البسيطة
,
يتحدثون في جميع الأمور في أحلامهم و آمالهم , تطلعاتهم للمستقبل الذي يتمنونه
.
دردشات النيل و كما يطلق عليها
”دردشات
نيلية
”
تلك الدردشات أكثر ما أعجبني بها هي
بساطتها لذلك قمت بتسطيرها هنا في تلك الصفحات التي تحملها بين يديك
.
اقرأها لكي تشعر بأجواء الدفء بها .
مع كل صباح أذهب إلى النيل إلى تلك الجلسات الموجودة هناك كما اعتدت أن أذهب هناك صباح كل يوم جامعي
ها أنا أذهب هناك لكن كانت تلك المرة مختلفة فاليوم هو أول يوم في عطلتي الصيفية
استيقظت باكرا ولا أدري ماذا أفعل؟
أخذت روايتي التي اشتريتها بالأمس وبدلت ملابسي وذهبت إلى ذلك المقاهى , وصلت هناك قرابة
الثامنة صباحا يبدو أنني حضرت باكرا المكان خالي تماما باستثناء طاولتين الطاولة
الأولى التي يجلس عليها رجل أربعيني له شعر بني ,عدسات
خضراء , قمحية البشرة يتأمل النيل في ذلك الهدوء والعشب المحيط به
أما الطاولة الأخرى فكانت تجلس عليها فتاة محجبة تبدو فتاة جامعية
تمسك بكتاب تقرأ فيه يبدو و كأنه كتاب تاريخي كما رأيت على الغلاف .
المقهى هادئ أكملت طريقي نحو طاولتي المفضلة تلك الطاولة المجاورة
للنيل جلست هناك وطلبت فطيرة التوت المفضلة مع عصير التوت البري .
أخرجت روايتي وبدأت أتناول من فطيرتي و أنا أقرأها ثم شربت العصير .
بعد مرور الوقت كنت قد
وصلت لمنتصف الرواية أحسست أنني اريد أن أتعرف على تلك الفتاة التي أغلقت كتابها
بعد دقائق من وصولي وجلست صامتة تنظر للنيل .
نهضت من على الكرسي الذي كنت أجلس عليه دون أدنى تفكير بعد أن
أدخلت روايتي في حقيبتي و توجهت نحوها
.
بدأت حديثي معها بالسلام ثم قلت لها أنا نفين ممكن أن أجلس معك ؟
قالت لي تفضلي
.... اسمك جميل أنا اسمي
بسمة طالبة في كلية الصحافة أحب أن أتي إلى هنا كثيرا .
بدأت أن أعرفها إلى نفسي فقلت بكل حماسة أنا نفين طالبة في كلية
الفنون لكني أحب القراءة أحب أن آتي ايضا إلى هنا.
تحدثت معها كثيرا عن
الجامعة والتخصص الذي اختارته
– بالطبع أعني الصحافة – وعرفت مقدار الصعوبة
فيه إلا لمن كان يمتلك الموهبة في التعبير .
حدثتها أيضا عن قسمي الذي اخترته –
كلية الفنون –تحدثت عن القسم
وبداية اختياري له أخبرتها أنني كنت أحب الآداب لكن في أخر لحظة أحببت كلية الفنون – لأني أحب الرسم –
فسجلتها كرغبة أولى عندما كنت أقدم أوراقي لمكتب التنسيق ولحسن
حظي قبلت فيها , حدثتها عن اعتراض
أمي الذي توقف مع بداية هذا الفصل عندما رأت نجاحي الذي حققته .
تحدثنا كثيرا ساعات
تتبعها ساعات , لم أشعر بالوقت
تحدثنا في كل شيء حتى بدأ للجالسين بالمقهى أننا نعرف بعضنا منذ سنوات .
أصبحت أنا وهي أكثر من أخوات أصبحنا نتقابل كثيرا في المقهى إن لم
يكن يوميا كانت جلستنا تتجاوز الساعات يوميا كنا نتكلم في معظم الأحاديث ونتوقف
عندما نرى الشمس قاربت أن تودع الأفق
.
عدت إلى منزلي ومسكت مذكرتي كما أحب أن أفعل دوما وبدأت اتصفح
ذكرياتي الفائتة أو بمعنى أدق تلك الأيام اللي بدأت منذ أول يوم لي هنا في عروس
البحر المتوسط إنها الإسكندرية الفاتنة المدينة التي يقصدها السائحون دوما سواء من
الداخل أو الخارج .
بعد أن تصفحت تلك
الأيام وكأني أراها أمامي وضعتها على الرف وتناولت وجبتي ونمت بعد يوم متعب . في الصباح استيقظت على حنين الاشتياق يطرق أبوابي أتحدث عن أسرتي
مضت أربعة شهور على أخر مرة رأيتهم فيها كانت تلك المرة هنا في الإسكندرية كانت
تلك المرة في إجازة منتصف العام
.
ذكريات قضيتها مع أسرتي مرت عليها سنوات قبل أن آتي للدراسة هنا .
أمسكت هاتفي واتصلت ببسمة لحسن حظي أنها كانت مستيقظة أخبرتها بعد
سلامي عليها والسؤال عن أحوالها أنني أريد مقابلتها بعد ساعة في نفس مكاننا بالطبع
استغربت ذلك الطلب في هذا الوقت الباكر .
بعد أن ارتديت ملابسي
اتجهت لمكتب الحجز وحجزت تذكرة في قطار ينطلق العاشرة .بعد أن خرجت من المكتب نظرت إلى ساعة يدي فرأيت أنها قد تجاوزت
الثامنة قررت التوجه إلى ذلك المقهى والجلوس مع بسمة ثم في التاسعة أعود لكي أحضر
حقيبتي وانطلق إلى محطة القطارات
.
وصلت إلى هناك وجدت بسمة قد سبقتني إلى هناك لكن يبدو عليها أنها
لم تحضر من فترة طويلة
.
وجدتها جالسة على نفس الطاولة التي كانت تجلس عليها أول مرة
رأيتها فيها سلمت عليها وتبادلنا الأحاديث قليلا عن الأمس ثم أخبرتها برغبتي في
السفر إلى قريتنا .
بعدها تكلمنا عن
أحاديث مختلفة بحكم أنها آخر مرة نتحدث فيها قبل السفر بعد أن قررت أن أقضي إجازتي
هناك و أعود مع الدراسة لم أشعر بالوقت مع حديثي مع بسمة إلا عندما رن هاتفي كانت صديقتي
في نفس القسم أخبرتني أن النتائج قد نزلت وأنني نجحت بتقدير جيد جدا بالفعل شكرتها
من اعماق قلبي فلا أدري كيف نسيت أمر النتائج ؟
بعد أن انهيت محادثتي في الهاتف وجدت أن الساعة تجاوزت التاسعة
بقليل سلمت عليها و أخبرتها بأنني سأشتاق لها .
وصلت عند البوابة وألقيت نظرة أخيرة على ذلك المقهى الذي اعتدت
الجلوس فيه طيلة هذا العام
.
ركبت أول حافلة متجهة إلى الموقف القريب من شقتي .
بعد أن نزلت منها كانت
مشاعر متخبطة تجتاحني فرح وشوق وحنين إلى أسرتي
كل ما أستطيع قوله في ذاك الوقت أنني كنت متحمسة جدا لدرجة أنني
لا أذكر كيف تخطيت تلك السلالم حتى وصلت شقتي .
بسرعة اتجهت إلى غرفتي وفتحت حقيبتي ووضعتها على السرير ووضعت
فيها كل ما أحتاج .
ثم أخذت طقمي المفضل واتجهت إلى الحمام استحممت وأبدلت ملابسي
وخرجت وقفت أمام المرآة ألف طرحتي ثم أخذت حقيبتي واتجهت إلى محطة الحافلات لحسن
الحظ أنها كانت قريبة مني فبعد قرابة العشر دقائق كنت قد وصلت .
الحمدلله وصلت قبل موعد القطار
بعشر دقائق جلست فيها على كرسي لأستريح ثم ركبت القطار . جلست على مقعدي في القطار كعادتي التي أحبها جلست إلى جانب الشباك , وهاهي اللحظة التي
انتظرها انطلاق القطار نحو مدينتي لا بل قريتي الحمدلله سأرى أمي وإخوتي بعد سويعات قليلة ,
فكم اشتقت إلى أسرتي وعائلتي وإلى قريتي بأكملها .
وضعت رأسي على الشباك وبدأت ذكرياتي أيام الثانوية تتدفق إلى عقلي
وكأنه فيلم يعرض أمامي الآن
.
ما أجمل ايام الثانوية وصديقاتي اللاتي تعرفت عليهن فيها سأزورهن
بالطبع عندما أصل .
ذكريات وذكريات بدأت
تدفق قطعها وصول القطار إلى محطتي
.
تلك اللحظة التي نزلت فيها من القطار التي أكد أجزم أن قلبي قفز
فرحا من مكانه وأنه ينبض بشدة كما لو يود أن يكسر عظام قفصي ويخرج منه .
خرجت من القطار و من المحطة بأكملها وأنا أحمل في يدي حقيبتي
وركبت أقرب سيارة أجرة وأمليته العنوان
.
بعد عشر دقائق تقريبا
.............
كنت قد وصلت إلى منزلي أعطيت سائق الأجرة حسابه وطرقت باب منزلي
نعم كان معي المفتاح لكني طرقته لأني أحسست أن أمي ستفتح لي كنت أريدها أول شخص
يراني بعد عودتي .
وبالطبع فتحت لي أمي
الباب ارتميت بين أحضانها
, رأيت دموع الفرح في
عينيها كيف لا تنساب وأنا ابنتها الوحيدة رأيت عيونها وكأن حديثا ابتدأ معها حديث
العيون الذي استمر لدقائق لم أدري كم مر منها .
بعدها صعدت إلى غرفة أبي قبلت رأسه واحتضنته بالطبع تفاجأ بوجودي
فأنا لم أخبر أحدا بقدومي ثم اتجهت إلى غرفتي .
فتحت حقيبتي وأخرجت منها ملابسي ثم ارتميت على السرير لأرتاح
وأخذت أجول ببصري في غرفتي و كأنما افتقدتها لسنوات ليس لأشهر فقط .
سمعت نداءات أمي بأن
الغداء أصبح جاهزا بالطبع أشعر بالجوع بعد
أن أصبحت الساعة الخامسة عصرا وأنا لم أتناول طعاما منذ كنت مع بسمة صباحا اشتقت لكل التفاصيل في منزلنا نزلت إلى أمي وأبي وجلست معهما بعد
أن أرسلت رسالة لبسمة طمئنتها فيها بأنني قد وصلت
بخير لمنزلنا .
على الغداء
.........
أخبرت أمي وأبي بنتيجتي فرحا كثيرا أني أنهيت السنة بتقدير جيد جدا .
في اليوم التالي أعدا لي حفلة دعا فيها كل أقاربنا و أصدقائي , فرحت جدا لأنني رأيت
أصدقائي في المرحلة المتوسطة والثانوية قضينا ساعات معا بعد أن تفرقنا في مرحلة
بناء المستقبل .
مرت الأيام بعدها
وبالطبع لن أنسى صديقتي بسمة التي كنت أتواصل معها يوميا
مرت الأيام وآتانا ذاك الضيف الخفيف بنفاحته شهر رمضان بنفاحته العطرة .
إنها أجواء قريتنا الخاصة في رمضان الزينة التي تعلق على الجدران
والفوانيس المنتشرة في أرجاء القرية وذهابنا لصلاة التراويح معا .
كيف لا تكون سعيدا في تلك الأجواء التي تنشر المحبة بين الناس .
مرت أيام رمضان يوما بعد يوم حتى أتى آخر يوم في رمضان أو بمعنى
أصح ليلة العيد .
تلك الفرحة الكبرى التي تأتي بمثابة مكافأة لنا من الله بعد إتمام
الصيام .
مرت أيام العيد في
بهجة وسعادة وكالعادة تنتهي أيام الفرحة سريعا حجزت تذكرتي وركبت القطار بعد أن
ودعت والديا .
فتحت جوالي لأرسل رسالة لبسمة بعد أن انقطع إتصالي بها وجدت رسالة تخبرني
فيها أنها ستكمل دراستها في الخارج نظرا لظروف عمل أبيها وأنها ستسافر اليوم
الساعة 3 عصرا ياه صدمة وقعت علي وكأن
ماءا باردا انسكب فوقي
.
بعد أن قرأتها لمرات رحت انظر للساعة وجدتها الخامسة عصرا خسارة
أنني لم أودعها سأفتقدها كثيرا مع أنني لم أقضي معها سوى اسبوع .
وصلت إلى الإسكندرية وارتحت في شقتي .
وفي اليوم التالي ذهبت
اشتري أغراضا للكلية سأحتاجها للسنة الجديدة
وفي طريقي إلى المنزل مررت بذلك المقهى دخلته وجلست على طاولتي المعتادة مع
بسمة لكنها للأسف لم تكن موجودة
.
أخرجت هاتفي وكتبت لها في رسالة :
عزيزتي بسمة كم افتقدتك حزنت كثيرا لم أودعك مع أنني لم أتعرف
عليك إلا من وقت قريب إلا أنني اعتبرتك أختا لي سأذهب يوميا إلى المقهى لأتذكر
أيامي الحلوة معك سأفتقدك
. نفين
أتاني رد من بسمة أنها ستأتي إلى الإسكندرية بعد أشهر ولن تغادرها
مجددا لأنها ستسكن مع عمتها
.
ياه
كنت سعيدة جدا عندما قرأت ذلك الخبر وانتظرت عودتها بفارغ الصبر .
النهاية
0 تعليق على موضوع " دردشات نيلية "
شروط التعليق :
■ يجب على التعليق أن يكون بلا روابط إشهارية
■ لاستعمال خط عريض ضع الكود : النص هنا...
■ لاستعمال خط مائل ضع الكود : النص هنا...
■ لإضافة صورة ضعها بهذا الكود : ... رابط الصورة هنا ...
الإبتسامات إخفاء